حزب “فدا” ومشكلة اثبات الوجود النضالي
بقلم ممدوح نوفل في 04/03/1993
تتواصل التحضيرات والاستعدادات هذه الأيام داخل وخارج الاراضي الفلسطينية المحتلة للاعلان عن ميلاد تنظيم سياسي فلسطيني (جديد) اسمه الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا) مركزه الرئيسي وثقله الاساسي في القدس والضفة والقطاع. له امتدادات هامة (فروع) وسط التجمعات الفلسطينية الموزعة في مختلف البلدان العربية والأجنبية. واذا سارت الامور وفقاً للتوجهات التي وضعتها اللجنة التحضيرية التأسيسية المؤقتة فالاعلان عن وجود هذا الحزب سوف يتم خلال الاسابيع القليلة القادمة.
أعتقد أن مشكلة اثبات الوجود في مختلف مدن ومخيمات وقرى الضفة والقطاع هي أبسط المشكلات التي تواجه هذا التنظيم وأصغرها، وذات الشيء ايضاً فيما يتعلق بوجوده في صفوف الجاليات الفلسطينية المقيمة في البلدان العربية وفي المهاجر. وذلك لسبب بسيط هو كون هذا الحزب بكوادره وقواعده المؤسسة له ليس طارئاً على النضال الوطني الفلسطيني، وليس طارئاً على تجمعات الشعب الفلسطيني ولا يبدأ من الصفر من حيث الوجود.. شهداءه عمر القاسم وخالد نزال وسامي أبو غوش وبهيج المجذوب أحياء في ذاكرة الشعب محفوظين في سجل الخالدين الفلسطينيين، أسراه ومعتقليه يقاومون مع أخوانهم الآخرين عنجهية السجان المحتل. ورغم كونه مولوداً جديداً الا أنه ابن شرعي للحركة الوطنية الفلسطينية. فهو تنظيم انصهرت فيه شخصيات وطنية معروفة بالتزامها الوطني مع تنظيمات لها وجود نضالي عريق في صفوف الشعب الفلسطيني. قواعده وكوادره هم من أبناء الانتفاضة، من معتقليها.. من فرقها الضاربة، من المطاردين، من كوادرها وقواعدها في كل مؤسساتها وأطرها النضالية. وهم موجودون في كل التجمعات الفلسطينية، معروفون للشارع الوطني الفلسطيني. هم كوادر تنظيم التجمع الديمقراطي، وكواد تنظيم المنبر الماركسي، وكوادر وقواعد الجبهة الديمقراطية جناح الديمقراطية والتجديد، وهم كل الشخصيات الوطنية والديمقراطية التي أعلنت حتى الان عن انتمائها لهذا التنظيم وتلك التي ستنضم له لاحقاً. وهم أيضاً كوادر وقواعد اتحاد الشباب الديمقراطي واتحاد لجان العمل النسائي، وكتلة الوحدة العمالية واطارها النقابي الصديق.
وأسمح لنفسي بأن أستبق تشكيل الهيئات القيادية لهذا التنظيم لأقول بأنها سوف تتشكل في أغلبيتها من الشخصيات الوطنية المناضلة غير المنتمية لأي من القوى المنظمة المشكلة للاتحاد، فهم الآن أغلبية كبرى في اللجان التأسيسية التي تشكلت في الالوية والمحافظات. وأظن أن الحشد الواسع من الكوادر والشخصيات الوطنية المناضلة والآلاف من الأطر الشبابية والعمالية والنسوية المكافحة (التي انتسب له حتى الان) كافية لتمكين (فدا) من اثبات حضوره النضالي الفاعل على الساحة الفلسطينية داخل وخارج الاراضي المحتلة، وقادرة على ربط مستقبل هذا التنظيم بالتراث النضالي الفلسطيني وبكل تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية؛ وكاف لادانة كل من حاول ويحاول المساس بدور هذا التنظيم، وكاف لاتهام كل من يعاديه بأنه معاد للوطنية الفلسطينية ومعاد للوحدة الوطنية ومعاد للديمقراطية الفلسطينية التي تصون حق جميع القوى الفلسطينية في تجديد ذاتها وفي دمقرطة أوضاعها الداخلية، وحقها في الانعتاق من القيود والاسوار التي حبست نفسها فيها لسنوات طويلة.
وأظن أن المبادرين في بناء هذا الاتحاد الديمقراطي يعرفون سلفاً بأن تنظيمهم الناشيء مقدر له سلفاً ليس فقط مواجهة الاحتلال والتصادم مع فكره وأدواته وممارساته الارهابية الاستعمارية البائدة، بل وأيضاً مواجهة الذات والتصادم مع كل المفاهيم الخاطئة وغير الواقعية التي تغلفت داخلها على امتداد مسيرة النضال، وأيضاً التصادم مع كل الذين ألّهوا أنفسهم وفصلوا التنظيمات الفلسطينية على مقاساتهم الخاصة والشخصية، ويرفضون كل جهد مخلص لدمقرطة وتجديد البنية الفكرية والتنظيمية الفلسطينية. لأن مثل هذه العملية الضرورية تعرضهم للمحاسبة وترغمهم على النزول من الابراج العاجية التي وضعوا أنفسهم فيها وانعزلوا فيها عن الشعب ومصالحه.
إن الامتحان الحقيقي لفدا ليس الاعلان عن الوجود وتأكيد حضوره المادي في كل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وانما في مدى قدرته على انتزاع شهادة الناس العاديين بأهمية هذا الوجود بضروراته الوطنية والسبيل الوحيد الى ذلك هو: كفاحية عالية في مواجهة الاحتلال، وواقعية سياسية في معالجة قضايا الوطن والشعب وديمقراطية حقيقية داخلية ومع كل الشعب وكل قواه الوطنية المناضلة.
فهل على هذه الدروب ستسير جموع الفداويين… سؤال مطروح برسم الجواب؟.