قراءة في أوراق الجولات الثمان السابقة من المفاوضات
بقلم ممدوح نوفل في 10/05/1993
منذ افتتاحه في مدريد في 30 اكتوبر 91 أثار مؤتمر السلام الكثير من التساؤلات. بعضها أجابت عليها جولات المفاوضات الثمان التي عقدت حتى الآن، وبعضها الآخر وخاصة الحاسم والمعقد منها لا زال بدون اجابات شافية وافية. قبل 18 شهراً طرح في الساحة الفلسطينية والعربية والدولية سؤال رئيسي وهام، هل ستتواصل المفاوضات العربية-الاسرائيلية وهل سيتمكن مؤتمر السلام من تحقيق الأهداف التي حددتها له مبادرة الرئيس بوش(1) والتي تضمنتها رسائل الدعوة(2) وكتب التطمينات(3) التي أعطيت لكل الأطراف أو أن مصير هذه المحاولة سيكون كمصير سابقاتها؟؟ ومنذ ذلك التاريخ وحتى الان لا زال هذا التساؤل مطروحاً على كل المعنيين بعملية السلام وعلى كل المشاركين فيها.
في الاجابة على هذا السؤال انقسمت مواقف أهل المنطقة وكل المراقبين والمهتمين بقضايا الشرق الاوسط بين متفائل ومتشائم ولم يخلو الامر من وجود بعض المتشائلين. والآن وبعد مضي 18 شهراً على بدء عملية السلام لا زال الانقسام والخلاف على أشده مع تسجيل حركة تنقلات خفيفة بين الموقفين او الثلاث المعروفة. ولعل عدم توصل المتفاوضين حتى الان الى اتفاقات ملموسة، وعدم ظهور الدخان الابيض فوق أي محور من محاور المفاوضات العربية-الاسرائيلية، الثنائيات منها أو المتعددة الاطراف يساعد على بقاء هذا الانقسام قائماً وهو الذي مكن كلاً من الموقفين من المحافظة على وحدته وعلى تماسك أنصاره ومؤيديه.
واذا كان ليس سهلاً إعطاء تقديرات حاسمة الآن حول النتائج النهائية لمؤتمر السلام، الا أن اتفاق الأطراف على استئناف المفاوضات يوم 27 نيسان الجاري ونجاح راعيي المؤتمر بإزالة المعوقات التي كانت قائمة في طريق الجولة التاسعة يؤكد أن عملية السلام الجارية تتمتع بسمات وميزات خاصة لم تتوفر لأي من المحاولات التي سبقتها. وأن هذه السمات والميزات مكنتها حتى الان من الصمود ومن تخطي العديد من العراقيل والصعوبات الطبيعية والمتعمدة التي تعرضت لها.
لا شك أن إعادة قراءة أوراق الجولات الثمان الماضية يساعد في الاجابة على الاسئلة المطروحة ويساعد أيضاً في التعرف على الخصائص والميزات التي تتمتع بها هذه العملية وعلى استشفاف الآفاق النهائية لمؤتم السلام. وقرار استئناف المفاوضات في 27 نيسان أظن أنه يجعل من إعادة قراءة الأوراق مسألة حيوية ليس فقط للمفاوض العربي بل وأيضاً لكل المهتمين بصنع السلام السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لأن مفاوضات الجولة التاسعة لن تنطلق من الصفر بل من حيث انتهت الجولة الثامنة. واذا كان متوقعاً للادارة الأمريكية الجديدة أن تترك بصماتها على مسار عملية السلام وعلى نتائجها اللاحقة من خلال دورها كشريك كامل في المفاوضات، فالمواقف المعلنة لادارة كلينتون-كريستوفر ولباقي الأطراف الراعية والمشاركة في المفاوضات تشير الى أن هذه البصمات لن تطال القواعد والأسس التي وضعتها إدارة بوش-بيكر. والتي جرى تثبيتها في رسائل الدعوة وكت التطمينات ولن تلغي ما توصلت له الأطراف في الجولات السابقة. والمعلومات المتوفرة تؤكد أن الجهود والاتصالات السرية والعلنية التمهيدية التي تمت قبل الجولة التاسعة بين الراعي الامريكي وكل الاطراف المدعوة لم تقتصر ولم تنحصر في معالجة القضايا السياسية والاجرائية التي أدت الى جمود المفاوضات، وإنما تناولت أيضاً كل المواضيع التي لها علاقة بمضمون المفاوضات،وأن الابحاث والمناقشات التي تمت في واشنطن وعواصم المنطقة تركزت على ما تبادلته الاطراف من وثائق وأفكار خلال الجولات السابقة وما سوف يطرح في الجولة الجديدة.
واذا كانت موافقة جميع الاطراف على اسئتناف المفاوضات تؤكد أن تواصل عملية السلام أو عدمه لم يعد ملكاً لهذا الطرف أو ذاك من الاطراف الاقليمية المشاركة فمن الطبيعي القول أن المواقف والافكار التي أفرزتها المداولات التمهيدية للجولة التاسعة، وكل وثائق الجولات الثمان الماضية باتت هي الاخرى ملكاً للمجتمع الدولي ولما يقارب الاربعين دولة من الدول المشاركة في المفاوضات الثنائية والمتعددة الاطراف، وتحولت الى قيود وسلاسل تربط أصحابها مع بعضها البعض ومع الجهات الراعية والمساندة لعملية السلام، وتصعب عليهم التنصل منها أو التراجع عنها. ولهذا يمكن القول أن الاطراف المعنية بالصراع المباشر وبات في موقف ووضعية دولية وشعبية محلية خلاصتها “للأمام نعم للخلف لا”.
وقبل الدخول في قراءة أوراق الجولات السابقة من المفاوضات لعل من المفيد رواية الواقعة الطريفة التالية: بعد الاعلان عن تشكيل الوفد الفلسطيني المفاوضات في اكتوبر 91، طلب أعضاء الوفد من القيادة الفلسطينية أن توفر لها ملفات المفاوضات المصرية الاسرائيلية، للاطلاع على الاسلوب الاسرائيلي في التفاوض، ولدراسة المشاريع التي قدمت والاتفاقات التي تم التوصل لها في تلك المفاوضات.. أمام هذا الطلب المشروع والذي ينم عن اجتهاد، توجه مسؤول فلسطيني كبير الى الاستاذ اسامة الباز مستشار الرئيس مبارك باعتباره أحد الاعمدة الاساسيين والمفاوضين البارعين في تلك المفاوضات وطلب منه ملفات المفاوضات المصرية الاسرائيلية، وأضاف اذا كان في الامر احراج يمكننا أخذ موافقة الرئيس، وجواباً على هذا الطلب رد الدكتور الباز بأسلوبه العملي المرح المعروف، فأخذ المسؤول الفلسطيني الى غرفة طولها 6 أمتار وعرضها أكثر 4 أمتار وذات الشيء ارتفاعها، وقال له هذه ملفات المفاوضات، هل تريدها كلها؟ جهزوا أوضاعكم من الان ونظموا ثلاث أو أربع غرف من هذا الحجم فمفاوضاتكم أعقد وأوسع..”. ولهذا يمكن القول ان كل قراءة جادة في أوراق الجولات السابقة تضع صاحبها وجهاً لوجه مع بضعة آلاف (حتى الان) من الاوراق، وهي حصيلة جهود مضنية شارك فيها عشرات بل مئات من الباحثين والخبراء وعدد غير قليل من مؤسسات الابحاد والدراسات، وحصيلة بضع مئات من ساعات المناقشات والمباحثات السرية والعلنية والرسمية وغير الرسمية (Formal, Informal) ولذا سنركز في هذه الدراسة على المفاوضات الثنائية باعتبارها هي الاساس، وعلى دور الراعي الامريكي باعتباره صاحب وراعي المبادرة وعلى مواقف طرفين من أطراف الصراع (اسرائيل والفلسطينيون) باعتبارهما قطبي الصراع وعندهما يكمن لب المشكلة، معتمدين في ذلك على ما توفر من وثائق ومعلومات عامة أو خاصة.
وسنتطرق للمحاور العربية-الاسرائيلية بمقدار ما لذلك من علاقة بمسيرة السلام ككل، وبما يمكن أن يكون له من انعكاسات على المحور الفلسطيني-الاسرائيلي باعتباره الحاسم في صنع السلام
أولاً – م.ت.ف ودورها في المفاوضات:
نظراً لخصوصية الدور الفلسطيني في المفاوضات وخصوصية وضع وفده المفاوض لعل من الضروري قبل الدخول في البحث في استراتيجيات التفاوض التي اتبعتها الاطراف منذ بدء عملية السلام وحتى الان التأكيد على أن المفاوض الفعلي عن الطرف الفلسطيني كان ولا زال م.ت.ف. ولانذيع سراً اذا قلنا أن قيادة م.ت.ف أشرفت على كل جلسات المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، وعلى المفاوضات التمهيدية الامريكية الفلسطينية التي سبقت افتتاح مؤتمر مدريد، من ألفها الى يائها. وبالتالي فهي المسؤولة راهناً ولاحقاً وتاريخياً عن كل النتائج التي سوف تسفر عنها المفاوضات، وعن كل خطط واستراتيجيات التفاوض التي عمل بموجبها الوفد الفلسطيني الى مفاوضات السلام منذ الجولة الاولى وحتى الان.
فمهندس العملية (بيكر) كان يعرف وشامير كان يعرف أيضاً أن كل اللقاءات التمهيدية الفلسطينية الامريكية التي تمت في القدس من أيار – اكتوبر تمت بموافقة م.ت.ف وأن كل ما تمخض عن تلك المفاوضات من رسالة الدعوة مروراً برسالة التطمينات وصولاً الى تشكيل وفد مدريد تم بقرارات رسمية من قيادة م.ت.ف. ولا نظن أننا بحاجة لتأكيد هذه الحقيقة باستحضار شواهدها المتعددة والمتنوعة بدءاً من مطالبة الوفد الفلسطيني قيادة م.ت.ف اعطائه كتب تكليف رسمية مروراً بالتزامه الكامل بغض النظر عن قناعته بكل التعليمات التي أعطتها له الجهات الفلسطينية المركزية المشرفة على المفاوضات وسفره من مدريد مرتين الى تونس والجزائر خلال فترة أعمال المؤتمر والتي لم تتجاوز الاسبوع وصولاً الى الزيارات المتكررة التي قام بها الوفد الفلسطيني الى تونس، ومشاركته في الاجتماعات الرسمية التي عقدتها القيادة الفلسطينية للبحث في كل ما طرح داخل وخارج غرف المفاوضات.. وفي هذا السياق تجدر الاشارة الى أن موقف الراعي الامريكي من هذه المسألة قد تراوح على امتداد المرحلة الماضية بين الموافقة الصامتة على هذه العلاقة والتشجيع لها في بعض الاحيان، وتقديم التغطية اللازمة لها وبين محاولة فرملتها واعتبارها عملاً لا يساعد في تقدم عملية السلام، كما ورد في تصريح ناطق رسمي أمريكي تعليقاً على لقاء الوفد بصورة علنية ومصورة مع رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في عمان بتاريخ 18/6/92. أما شامير فقد تعامل مع المسألة وفقاً للشكليات القانونية. ولم يشأ أن يجعل منها قضية تفجيرية. وأغلب الظن أن موقفه هذا كان نتيجة للتدخلات الأمريكية واستجابة لطلبها.
ونظراً لخصوصية دور م.ت.ف في المفاوضات فمن المفيد القول أيضاً أن القيادة الاسرائيلية السابقة والحالية تعرف أن عدداً من أعضاء الوفد الرسميين هم أعضاء قياديين في فصائل أساسية في م.ت.ف (حركة فتح، (فدا) “الجبهة الديمقراطية/ التجديد سابقاً”، حزب الشعب الفلسطيني/ الشيوعي سابقاً).
ولفهم مسار الموقف التفاوضي الفلسطيني لربما كان ضرورياً توضيح آلية وميكانيزم العلاقة بين الوفد والقيادة الفلسطينية، وأيضاً الكيفية التي أدارت بها قيادة م.ت.ف المفاوضات.
وفي هذا السياق يمكن القول أن قيادة م.ت.ف تعاملت منذ البداية مع المفاوضات باعتبارها معركة سياسية مصيرية أصعب وأخطر من كل المعارك السابقة التي خاضها شعب فلسطين. وانطلاقاً من هذا الفهم حرصت قيادة م.ت.ف على العودة الى المؤسسات التشريعية (مجلس وطني، مجلس مركزي)(4) لاتخاذ القرارات الأساسية. كما حرصت أيضاً على عقد العديد من الاجتماعات الموسعة للقيادة الفلسطينية(5) لمناقشة مسار المفاوضات. وشكلت لجنة عليا لمتابعة المفاوضات(6) بصورة يومية ودائمة. كما شكلت لجان(7) قيادية تشرف على عمل الوفود في مواقع التفاوض وتنظم صلتها مع اللجنة العليا للمفاوضات ومع الوفود العربية الأخرى المشاركة في المفاوضات. ومن خلال هذا التنظيم تمكنت قيادة م.ت.ف من إحكام اشرافها وقيادتها المباشرة على كل العملية التفاوضية بما في ذلك تقرير أدق وأصغر التعديلات في خطط وأوراق التفاوض.
ثانياً – تقييم المفاوضات في مراحلها الثلاث:
إن مراجعة عدد من وثائق المفاوضات الاسرائيلية العربية والفلسطينية الاسرائيلية تُبين أنها مرت في ثلاث مراحل أساسية. الأولى يمكن وصفها بالتمهيدية وهي تلك التي تمت بصورة غير مباشرة وعبر الوسيط الامريكية بيكر. ويمكن تأريخها من أول جولة قام بها الوزير بيكر لدول المنطقة في نيسان 91 وحتى افتتاح مؤتمر السلام في مدريد في 30 اكتوبر 91.
أما المرحلة الثانية فيمكن وصفها بمرحلة حوار الطرشان، عقدت خلالها الوفود العربية-الاسرائيلية والفلسطينية-الاسرائيلية خمس جولات كاملة من المفاوضات دون نتيجة ملموسة تذكر. أما تاريخها فيمكن تثبيته منذ ما بعد افتتاح مؤتمر مدريد وحتى الانتخابات الاسرائيلية وخروج الليكود من الحكم. أما المرحلة الثالثة فهي التي بدأت مع صعود حزب العمل بزاعمة رابين للسلطة وبدء دخول الأطراف في المفاوضات الجدية.
وبدراسة مواقف الأطراف في المراحل الثلاث يتبين أن لكل مرحلة منها سماتها وميزاتها الخاصة التي اكتسبتها من المنطلقات والأهداف الخاصة التي حددتها الاطراف لذاتها، والتي سعت لتحقيقها عبر خطط واستراتيجيات تفاوضية خاصة بالمرحلة. وفي هذا الاطار يمكن رصد سلوك ومواقف الاطراف في كل مرحلة من المراحل الثلاث على النحو التالي:
المرحلة التمهيدية (الأولى):
1. الموقف الأمريكي: ليس سهلاً الاجابة الآن على سؤال هل كان الوزير بيكر واثقاً من نجاح مبادرته في جمع الأطراف على مائدة المفاوضات مدة عام كامل وأكثر؟ أم أن شكوكاً معينة ساورته خلال تحركاته التمهيدية؟. وبغض النظر عن الجواب فالمؤكد لنا أن الجهود التمهيدية التي بذلها الوزير بيكر قبل افتتاح مؤتمر مدريد قد أسست لعملية سلام سارت في مساريها(8) اللذين حددا لها، وعقدت جولاتها بتواصل وانتظام وحسب التوقيتات الزمنية المحددة، رغم كل العقبات التي اعترضت طريقها أكثر من مرة. ولا مغامرة في القول الآن أنها قابلة للتواصل والتعمير فترة أطول. وبمراجعة مواقف الادارة الامريكية في تلك المرحلة يمكن تسجيل التالي:
– كان الهدف الاساسي والهم الرئيسي للوزير بيكر هو ايصال واستدراج كل أطراف الصراع الى غرف وطاولات المفاوضات، مراهنا على Process العملية ذاتها في تطوير وتقريب المواقف المتناقضة والمتنافرة للأطراف. ورغم تقديمه لنفسه كوسيط أمين الا أنه لم يتورع من أجل هذا الهدف في الضغط على الطرف الضعيف (الفلسطيني) وإرغامه على تقديم التنازلات، حيث ألزمه بحضور ناقص عن الآخرين وكجزء من وفد مشترك أردني فلسطيني. وفرض عليه الدخول في مفاوضات هدفها الوصول الى حل على مرحلتين الأولى تدوم سنتين والثانية تدوم ثلاث سنوات من المفاوضات. على أن لا تبحث مسألة القدس في المرحلة الأولى من المفاوضات، ولا يشارك ممثلين عنها على طاولات المفاوضات..الخ من الشروط والأسس المجحفة(9) التي تضمنتها رسالة الدعوة (كما سيتبين لاحقاً) وكل ذلك بهدف اقناع شامير واستدراجه الى طاولة المفاوضات.
– منذ البداية حرص الوزير بيكر على إفهام كافة الأطراف بأنه ليس مسموحاً لأحد سواه التحكم في مسار العملية، وثبت في وثائقها الاساسية ما يؤكد ضرورة امتناع المشاركين عن القيام بأية أعمال خلال المفاوضات تؤثر على سيرها أو على نتائجها النهائية. وفي نص آخر ألزم نفسه بانجاح العملية(10). وثبت نيته وحددها بصورة رسمية وحاسمة (نيتنا ونية الاتحاد السوفياتي في لعب دور القوة الدافعة في هذه العملية لمساعدة الأطراف على التقدم في اتجاه سلام شامل. رتط). ولعل مشاركة الرئيس بوش شخصياً مع الوزير بيكر والرئيس السوفياتي (السابق) ميخائيل غورباتشوف كان بمثابة رسالة تأكيد من الادارة الامريكية على التزامها بهذا الدور المسؤول عن توجيه عملية السلام.
صحيح أن الوزير بيكر لم يستطع فرض حضور الادارة الامريكية على طاولة المفاوضات كما كان حاصلاً في المفاوضات المصرية الاسرائيلية في كامب ديفيد، لكن مسار المفاوضات أكد أن غياب الراعي الأمريكي عن طاولة المفاوضات لم يقلل من دوره في التأثير فيها. حيث استعاض عن الحضور المباشر بتكثيف الاتصالات واللقاء قبل وخلال كل جولة من جولات المفاوضات
2. الموقف الاسرائيلي: عندما أطلق الرئيس بوش مبادرته في 6/3/91 وبدأ الوزير بيكر حركته كانت اسرائيل ومن الناحية الاستراتيجية في أفضل الأوضاع والمواقف الأمنية والسياسية وفي مجال الطاقة البشرية ايضاً. فأعدائها العرب خرجوا جميعاً منهكين من حرب الخليج، مفككين متصارعين فيما بينهم. وخصمها حليف أعدائها (الاتحاد السوفياتي) يعيش حالة تفكك وانهيار دراماتيكي. ومئات الالوف من المهاجرين الروس والاثيوبيين ينتظرون رحلات أساطيل الطيران للرحيل الى اسرائيل. ولذا يمكن القول أن شامير لم يكن في وارد المشاركة ناهيك عن المبادرة في التحرك نحو صنع سلام لا مع العرب ولا مع الفلسطينيين. ولهذا استقبل شامير مبادرة الرئيس بوش والزيارات الأولى للوزير بيكر بكثير من البرودة والفتور. واستغل تلك اللقاءات للحصول على ثمن قبوله بالمشاركة في عملية السلام. مركزاً على مسألة هجرة اليهود السوفيات ودور الولايات المتحدة في نقلهم وفي تأمين مستلزمات حياتهم في اسرائيل. ولم يبخل الوزير بيكر في حينها في التجاوب مع طلبات شامير، ليس فقط لاستدراجه للدخول في عملية السلام بل باعتبار ذلك جزءاً من التزامات الادارة الامريكية تجاه اسرائيل حليفها الاستراتيجي في المنطقة. أما إزاء موضوع المفاوضات فقد انتهج شامير منذ البداية سياسة تقوم على وضع العرب والفلسطينيين أمام أحد خيارين: إما الخضوع والرضوخ لشروطه والدخول في المفاوضات وفقاً لأسس وقواعد يرضى عنها، أو رفض المشاركة وافشال محاولة الوزير بيكر وتحميلهم نتائج وتبعات ذلك. وأغلب الظن أنه كان يفضل دفع العرب نحو الخيار الثاني عملاً بالحكمة القائلة “الباب الذي يجلب لك الريح سده واستريح”.
وبمراجعة رسالة الدعوة وكتاب التطمينات الامريكية الذي قدمه الوزير بيكر يمكن القول أن شامير حصل على ما يريد، وانتزع أقصى قدر ممكن من الشروط حيث حصل وفقاً لنصوص رسالة التطمينات التي أخذها من الراعي الأمريكي على الالتزامات والتعهدات التالية:
* ليس للمؤتمر قوة فرض حلول على الأطراف، أو استخدام حق النقض. ولن يعود المؤتمر للانعقاد الا بموافقة جميع الأطراف.
* الولايات المتحدة لا تؤيد انشاء دولة فلسطينية مستقلة.
* لا يمكن أن يجبر طرف على الجلوس مع طرف لا يريده، ولن تكون هناك مفاجآت بخصوص نوعية التمثيل في المؤتمر أو المفاوضات.
* سوف يكون الفلسطينيون المشاركون في المؤتمر ضمن وفد أردني من سكان الضفة وغزة. وممن يقبلون بالمفاوضات ويريدون العيش في سلام مع اسرائيل من خلال تسويات مرحلية. ولا تريد الولايات المتحدة إدخال م.ت.ف في عملية التسوية.
* التزمات الولايات المتحدة بأمن اسرائيل باقية وثابتة، وأي محاولة للدس وللمساس بهذه الالتزامات لن تنجح لأنها لا تفهم الروابط العميقة بين دولتينا وطبيعة الالتزام بأمن اسرائيل بما في ذلك تأكيد وتثبيت تفوقها النوعي.
* تدرك الولايات المتحدة التحديات التي تواجه اسرائيل والتي تتعلق بجوهر وجودها، وأنها عاشت على امتداد فترة طويلة في منطقة رفض فيها جيرانها الاعتراف بوجودها وحاولوا تدميرها ولهذا السبب كان مفتاح التقدم نحو السلام دائماً هو الاعتراف باحتياجات أمن اسرائيل.
* تواصل الولايات المتحدة تأييد التعهد الذي قدمه الرئيس فورد الى رئيس حكومة اسرائيل (رابين) عام 75 بشأن الجولان وسوف تولي وزناً كبيراً للموقف الاسرائيلي بأن كل تسوية سلمية مع سوريا يجب أن تقوم على بقاء اسرائيل في هضبة الجولان والولايات المتحدة على استعداد لاقتراح ضمانات أمريكية لترتيبات أمنية اذا تم الاتفاق بهذا الشأن بين سوريا واسرائيل.
والى جانب ذلك كله حصل أيضاً على تقليص دور أوروبا في العملية الى أبعد حد ممكن وعلى استبعاد دور الامم المتحدة كلياً. وعلى وعود أمريكية بالعمل على دفع بعض الدول الأساسية لاعادة علاقاتها الديبلوماسية مع اسرائيل مثل الصين والهند وسواها. ولعل قول شامير نفسه بعد فشله في الانتخابات الاسرائيلية “لو نجح الليكود في الانتخابات لاستمرت مفاوضات الحكم الذاتي عشر سنين وتم خلالها توطين مليون مهاجر يهودي في الضفة والقدس والقطاع” يكشف بوضوح حقيقة موقف شامير خلال مرحلة المفاوضات التمهيدية وما تلاها لاحقاً.
3) الموقف الفلسطيني في المفاوضات التمهيدية:
مع بداية المفاوضات وعلى العكس من شامير، أبدى الجانب الفلسطيني موقفاً ايجابياً من رغبة الادارة الامريكية في البدء بحل قضايا المنطقة وفي الوصول الى استقرار دائم فيها. فقد رحبت م.ت.ف رسمياً بمباردة الرئيس بوش(11) والتي نصت على [أ] الأرض مقابل السلام [ب] تطبيق قراري مجلس الأمن 242 و338 [ج]ضمان الأمن والسلام لدولة اسرائيل [د] تحقيق الحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني. ورغم التباين الفلسطيني الداخلي حول اللقاء مع الوزير بيكر الا أن تعليمات القيادة الفلسطينية للأخوة المعنيين داخل الاراضي المحتلة كانت ايجابية، حملت الموافقة على اللقاء ومعها الموقف المطلوب الذي طرحه على الوزير بيكر.
وتجدر الاشارة في هذا السياق الى أن الموافقة الفلسطينية على اللقاء مع بيكر جاءت بعد نقاش طويل استغرق عشرات الساعات وافقت في نهايته على اقتراح تقدم به د. جورج حبش (اجتماع 11/3/91) نيابة عن المتحفظين على اللقاء. ونص الاقتراح على:
1- تستمر وبعنفوان كافة النشاطات الجماهيرية وتتصاعد في نفس يوم زيارة بيكر وخلال ساعات اللقاء.
2- لا يجوز الكلام بالعام مع بيكر كأن تقول الشخصيات نلتقي برضا م.ت.ف، بل عليها القول نلتقي بناء على تكليف من م.ت.ف في تونس ووفقاً لتعليمات من الأخ ياسر عرفات. فالاصرار على ذكر اسم أبو عمار هو لادراكنا معنى ومغزى الهجمة التي تستهدفه حالياً والتي هي في حقيقتها تستهدف شطب المنظمة وشطب الحقوق.
3- الوفد لا تحدده القنصلية الأمريكية بل نحدده نحن مثلما حددنا الوفد الذي التقى مع الترويكا.
4- يحمل الوفد معه مذكرة بنفس مضمون ما حملوه للترويكا.
5- بعد اللقاء يتم عقد مؤتمر صحفي يعلن فيه أن الوفد أبلغ بيكر مضمون المذكرة وأنه وفد م.ت.ف.
ولاحقاً على هذا الموقف طالب المتحفظون بوقف كل اللقاءات الأخرى ومنذ ذلك التاريخ برز في الساحة الفلسطينية اتجاهان مبلوران واضحان الأول واقعي يؤيد المشاركة في عملية السلام وعلى الأسس التي تم التوصل لها في المفاوضات التمهيدية مع بيكر، والآخر محافظ تتروح مواقفه ما بين الرفض المطلق لكل عملية السلام باعتبارها عملية تصفي القضية ورفض المشاركة لأن الأسس التي قامت عليها العملية غير كافية. وعلى ضوء هذا الانقسام في الموقف الفلسطيني تم تشكيل الوفد الفلسطيني من القوى المؤيدة للمشاركة في عملية السلام فقط. وظهر بعد ذلك تعبير “فريق مدريد” وتكتلت القوى المعارضة في إطار تنظيم منظم.
وفي حينها كان الجانب الفلسطيني (وخاصة الاتجاه الواقعي فيه) يدرك أنه الطرف الأضعف بين كل الاطراف المطلوبة للمشاركة في عملية السلام التي دعت لها الادارة الامريكية. لكنه كان يعرف في الوقت ذاته أن لا مصلحة لاسرائيل في الدخول في عملية سلام تعطل عليها كل مشاريعها التوسعية. وكان هذا الاتجاه يلمس ويرى في ذلك الوقت ضخامة خطر سرطان الاستيطان خاصة بعدما فشل في اقناع الاتحاد السوفياتي (سابقاً) بوقفها أو الحد منها. وكان يرى بعينيه ويلمس بيده حالة التفكك العربي وتراجع الدفاع عن القضية الفلسطينية.. في ظل هذا الوعي والادراك دخل الجانب الفلسطيني المفاوضات التمهيدية، واستجمع في تلك الفترة كل أوراق قوته للتقليل من تأثير نقاط ضعفه على موقفه التفاوضي. استرجع وأحيا ورقة قرارات الشرعية الدولية وتمسك بها وطالب الادارة الامريكية وكل المجتمع الدولي بتنفيذ قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية وخاصة القرارين 242 و338. وطالبها بالكيل بمكيال واحد لا مكيالين في التعامل مع قرارات الشرعية الدولية مستفيداً من دفاع الادارة الامريكية عن القرارات التي يصدرها مجلس الامن، ومن الاجواء الدولية الجديدة حول ضرورة احترام قرارات الشرعية الدولية وضرورة الالتزام بها.
والى جانب ورقة الشرعية الدولية أبرز الجانب الفلسطيني ورقة عدالة قضيته، وورقة الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسيطني على مدى نصف قرن من الزمن تحت بصر وسمع الادارة الامريكية وكل دول العالم. واستثمر بصورة جيدة ارتفاع وتيرة الحديث الدولي بضرورة الدفاع عن الديمقراطية وعن حقوق الانسان، وطالب كل المدافعين عنها أو المنادين بذلك بأن يقوموا بالحد الأدنى من واجباتهم في مواجهة الارهاب الفاشي الاسرائيلي الذي يمارسه جيش الاحتلال ضد الاطفال والشيوخ والنساء. وأن يبذلوا كل جهد ممكن ومستطاع لمساعدة الشعب الفلسطيني في انتزاع حقوقه مثله مثل بقية بني الانسان.
والى جانب هاتين الورقتين حول الطرف الفلسطيني رغبة الادارة الامريكية في الوصول الى استقرار دائم في المنطقة الى ورقة قوة استثمرها في حينها في مفاوضاته مع الوزير بيكر، موضحاً له أن مفتاح الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة هو حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً ودائماً وشاملاً. مبيناً وبالوقائع القريبة والبعيدة أن الحلول الاخرى لن تكون سوى مسكنات مؤقتة لا تنهي آلام شعوب المنطقة ولا تصنع الاستقرار فيها. ولم ينسى الجانب الفلسطيني اشهار سيف الانتفاضة وتواصلها شهور سنوات طويلة، مستثمراً هذه الورقة القوية وبقية الاوراق المذكورة في انتزاع ما يمكن انتزاعه من أسس وشروط تخدم موقفه في المفاوضات. وأيضاً رفض قبول كل ما يمس حقوقه وأهدافه المباشرة أو اللاحقة، أو يؤثر سلباً على مسيرته النضالية الراهنة أو اللاحقة من أجل الوصول لها. أي ما لم يستطع أخذه مباشرة علق البت به وأجل بحثه لفترة لاحقة. مع الاحتفاظ بكامل الحقوق ومن ضمنها حق المطالبة اللاحقة بها.
حقاً لقد خاض المفاوضون الفلسطينيون بقيادة الأخ فيصل الحسيني معركة التمهيد لمؤتمر السلام ببسالة، وأظهروا جانباً كبيراً من الكفاءة، وكانوا محامين أقوياء لقضية محقة وعادلة. ومن باب ذكر الحقيقة والانصاف يسجل لهم أنهم استطاعوا تعريف الوزير بيكر بكثير من أبعاد وحقائق قضيتهم التي لم يكن على اطلاع كامل عليها. واستخلصوا بتواضع درساً مفاده يخطيء كل من يعتقد أن العالم على اطلاع ومعرفة كاملة بأبعاد وجذور القضية الفلسطينية بما في ذلك أعلى المستويات المقررة. وأن جهوداً جبارة لا بد من بذلها من قبل أصحاب القضية أنفسهم لتعريف العالم بعدالة قضيتهم. وتجدر الاشارة أيضاً الى أن أية نواقص أو ثغرات قد تبرز اليوم او غداً في أسس الدعوة وقواعدها كما وردت في رسالة الدعوة وكتاب التطمينات لا يتحمل مسؤوليتها المفاوضون الذين التقوا الوزير بيكر وإنما قيادة م.ت.ف. فكل المفاوضات التمهيدية تمت باشراف مباشر من قبلها وكل الاوراق والمستندات سلمت واستلمت بعد موافقتها عليها.
وفي إطار الحديث عن ما تمكن مفاوضوا المرحلة التمهيدية من تثبيته وما عجزوا عن تثبيته يمكن ادراج التالي: أضطروا للقبول بأن يكون الحل على مرحلتين(12) لكنهم ثبتوا ترابطهما وتكاملهما. قبلوا مكرهين بالعمل ضمن صيغة الوفد المشترك، لكنهم ثبتوا حقهم في تسمية الوفد دون تدخل من أحد وثبتوا أيضاً مساراً فلسطينياً مستقلاً(13). قبلوا أن تسير العملية في مسارين ثنائي ومتعدد الاطراف لكنهم ثبتوا ترابط وتكامل مسيرة المسارين من بداية العملية وحتى نهايتها(14). قبلوا سلطة انتقالية مؤقتة لكنهم ثبتوا انتخابها(15) وثبتوا حقهم (في السيطرة على قراراتهم السياسية والاقتصادية وغيرها من القرارات التي تمس حياتهم ومصيرهم رتط). لم يستطيعوا فرض اشهار علاقتهم بالمنظمة لكنهم انتزعوا حق التشاور مع من يريدون. لم يستطيعوا انتزاع موقفاً واضحاً بوقف الاستيطان خلال المفاوضات لكنهم ثبتوا موقفاً أمريكياً يعتبر الاستيطان عملاً يعرقل مسيرة السلام(16) وموقفاً أمريكياً يقول بأنها ضد قيام أي طرف بأعمال تؤثر على النتيجة النهائية للمفاوضات. لم يستطيعوا فرض القدس كموضوع للتفاوض خلال المرحلة الانتقالية لكنهم ثبتوا حقهم في طرح كل ما يتعلق بقضيتهم(17) وانتزعوا موقفاً أمريكياً يقول أن الولايات المتحدة تعتبر القدس الشرقية جزء من الأراضي الفلسيطنية المحتلة وأنها ضد أي تغيير في حدودها البلدية التي كانت قائمة عام 67. لم يتمكنوا من انتزاع نص يلزم اسرائيل بالتفاوض على أساس قرار 242 و 338 خلال المرحلة الانتقالية لكنهم نجحوا في تثبيت أن كل العملية تقوم على أساس 242 و338(18).
چ المرحلة الثانية: حوار الطرشان:
1. الموقف الاسرائيلي: بعد سقوطه في الانتخابات كشف شامير بكل وضوح عن السر والأسباب التي جعلت خمس جولات من المفاوضات تبقى تراوح في مكانها، ووصولها في نهاية الجولة الخامسة الى طريق مسدود، حيث قال شامير لجريدة معاريف أنه كان يخطط لأن تستمر مفاوضات الحكم الذاتي عشر سنين، ويخطط لاسكان مليون مهاجر في أراضي الضفة والقطاع خلال ذات الفترة. وربما كان يخطط أيضاً لتهجير مليون فلسطيني وهذا ما لم يفصح عنه. ومن باب الامانة لا بد من تقديم شهادة لروبنشتاين (رئيس الوفد الاسرائيلي في المفاوضات مع الوفد الفلسطيني والوفد الاردني) بأنه كان ناجحاً بل وبارعاً في ترجمة نوايا شامير داخل غرف المفاوضات، وتقديم شهادة أخرى أيضاً للسيد يوسي بن أهارون رئيس الوفد الاسرائيلي (السابق) في المفاوضات مع الوفد السوري بأنه لم يكن أقل براعة ونجاح من زميله روبنشتاين. وفي سياق ترجمته الامينة لنوايا ورغبات شامير استحضر روبنشتاين كل خبراته التفاوضية العريقة وخاصة تلك التي اكتسبها في كامب ديفيد واستنفر كل ملكاته وبراعته في صياغة العديد من الوثائق الاستفزازية والتي يمكن إجمال أهدافها على النحو التالي:
– دفع المفاوض الفلسطيني والمفاوض الاردني الى الانسحاب من العملية وتحميلهم مسؤولية ذلك أمام راعيي المؤتمر وأمام الرأي العام العالمي المنادي بالسلام العادل في الشرق الاوسط، وأمام ما يقارب الاربعين دولة تشارك في المفاوضات. وفي محاولته تحقيق هذا الهدف لم يتورع روبنشتاين الخروج عن اللياقة وعن أصول الحديث في المفاوضات. فقد تواقح في الكلام مع الوفد الفلسطيني أكثر من مرة وفي أكثر من جولة على أمل استفزاز المفاوض الفلسطيني والاردني ودفعهما للوقوع في فخ الانسحاب أو تعليق المفاوضات. وفي السياق ذاته أبدع وأكثر روبنشتاين من تقديم الاوراق والمشاريع الشكلية التي لا تتضمن الحد الأقصى في الموقف الاسرائيلي وحسب بل وبلغة استفزازية وعنجهية وبمضامين لا تترك مجالاً للحوار والنقاش. ولا أظن أن من الضروري مراجعة تلك الاوراق التي تقدم بها روبنشتاين في الجولات السابقة بعدما أصبحت جزءاً من أرشيف تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وشاهداً على رفض حزب الليكود للسلام.
ولدفع المفاوض الفلسطيني نحو اليأس والاحباط والخروج من المفاوضات تعمد روبنشتاين التطاول على أسس الدعوة وقواعدها المثبتة في رسالة رسمية، فسر بعض نصوصها الواضحة وفقاً لمزاجه وبصورة لا تمت للمنطق بصلة. وحاول اغراق الجولة الاولى والثانية من المفاوضات في مناقشات عقيمة حول وجود مسار فلسطيني مستقل وابقائها تدور في رواق وزارة الخارجية الامريكية هو خير نموذج على كل ذلك.
– بعد فشله في دفع الوفد الفلسطيني والاردني نحو الانسحاب واصل روبنشتاين تكتيكه وأضاف عليه أساليب وتكتيكات جديدة نجحت في تضييع الوقت وقتله. وفي هذا السياق أكثر من ثرثرته وأطال خطبه الخالية من كل شيء له علاقة بالمفاوضات. تفنن في اغراق المفاوضات في قضايا فقهية وتاريخية، أجاد النطنطة وعطل كل محاولة لتركيز البحث والنقاط حول أية قضية محددة. وبهذا الاسلوب نجح في قضم تسع شهور كاملة من المفاوضات وفي أكل خمس جولات كاملة من المفاوضات وأبقاها تدور في حلقة مفرغة وحولها الى مفاوضات من أجل المفاوضات.
– ومع محاولاته دفع المفاوضين الفلسطينيين والاردنيين الى الخروج والانسحاب من العملية، ومحاولات قتل الوقت حرص المفاوض الاسرائيلي في كل جولات المرحلة الثانية على إظهار التزامه وتمسكه برسائل الدعوة والتطمينات المقدمة لاسرائيل. وحرص أكثر على كسب ود ورضى الراعي الامريكي والظهور بمظهر الجاد في المفاوضات والحريص على دفعها خطوات الى الامام. الا أن فجاجة مواقفه ولاموضوعيتها لم تساعده في إخفاء نواياه الحقيقية في شل وتعطيل المفاوضات. وبسبب من جموده العقائدي وتحجر مواقفه التفاوضية لم يستطع المفاوض الاسرائيلي في أواخر هذه المرحلة من المفاوضات التكيف أو الانسجام مع نصوص الدعوة وبعض الأسس الواردة فيها. ولم يستطيع أيضاً قبول بعض آراء ومقترحات الراعي الأمريكي، مما أدى الى اضطراره على مقاطعة لجنتين من لجان المؤتمر المتعدد الأطراف (لجنة التنمية ولجنة اللاجئين)، والى التصادم المكشوف مع الراعي الامريكي حول مسألة الاستيطان ومسألة ضمانات القروض.
2. الموقف الفلسطيني: لعل من الضروري قبل مراجعة الموقف الفلسطيني في هذه المرحلة الاشارة الى مسألتين ربما كان لهما بعض الأثر على الموقف التفاوضي الفلسطيني:
الأولى: أن المفاوض الفلسطيني دخل المفاوضات المباشرة مع عدوه وهو لا يملك أية خبرة تفاوضية سابقة. ولا يستند الى أي تراث فلسطيني في مجال المفاوضات. فتاريخ الشعب الفلسطيني يخلو من ذلك، فقد حرم الفلسطينيين على امتداد سبعين عاماً من الصراع مع الحركة الصهيونية من بناء كيانهم المستقل ولم تسمح لهم الدول العربية لا تمثيل أنفسهم ولا مفاوضة عدوهم، فاوضوا نيابة عنهم وقرروا بدون وكالة منهم.
الثانية: دخل المفاوضات وهو مدرك للغبن الكبير الذي ألحقته رسالة الدعوة بتمثيله. وهو شاعر أيضاً بأنه يدخلها ليواجه المحقق والسجان الذي لا زال يعتقل شعبه. فهو يفاوض والاحتلال يطارده ويضايقه وقائم فوق أرضه. ولعل أبرز ما تميز به الموقف التفاوضي الفلسطيني في هذه المرحلة:
پ مواجهة المواقف الاسرائيلية المتطرفة والمتعنتة بمواقف مشابهة بل وأكثر تطرفاً وتعنتاً منها في بعض الأحيان، مما أظهره في الجولة الأولى والثانية من مفاوضات واشنطن بأنه الأكثر خروجاً على رسالة الدعوة وعلى أسس مؤتمر السلام. خاصة عندما رفض الدخول الى قاعة المفاوضات لمجرد احساسه بمحاولة روبنشتاين المس بالمسار الفلسطيني-الاسرائيلي. تمترس في ممرات مبنى وزارة الخارجية الامريكية في محاولة لتثبيت الوفد الفلسطيني كوفد مستقل عن الوفد الاردني الفلسطيني المشترك، ولتثبيت المسار الفلسطيني-الاسرائيلي كمسار مستقل تماماً عن المسار الاردني الفلسطيني- الاسرائيلي.
‚ حرص على الاكثار من تقديم المشاريع والمقترحات ولم يكتف بطرح الحد الأقصى بل حرص على تضمينها كلها جميع الثوابت والاهداف الفلسطينية بدءاً من حق العودة وقرار التقسيم رقم 181 لعام 47 مروراً بالدولة المستقلة وانتهاءاً بمشورع ال PISGA والذي هو في جوهره مشروع متكامل لدولة مستقلة قافزاً بوعي وعن سابق قصد عن المرحلة الانتقالية كلها. ولم يتردد في وضع شروط مسبقة والمطالبة بتنفيذها قبل الدخول في أية مناقشات وخاصة بعدما قرأ المواقف المتطرفة والقصوى في الأوراق الاسرائيلية ولمس تهرب الجانب الاسرائيلي من الدخول في مفاوضات جدية.
ƒ تسلح بالصبر والصمود في مواجهة الاستفزازات والابتزازات التي تعرض لها داخل وخارج غرف المفاوضات وعلى جسور وبوابات العبور للضفة والقطاع. وأتقن الاستعانة براعيي المؤتمر وخاصة الراعي الأمريكي وطالبه بالايفاء بالتزاماته مركزاً على أقوال الوزير بيكر في المرحلة التمهيدية “تعالوا الى المفاوضات لنوقف الاستيطان” وبقي متمرساً خلف المواقف التي نصت عليها رسالة التطمينات الامريكية خاصة ما يتعلق منها بمسألة وقف الاستيطان وقضايا حقوق الانسان. ولعل أبرز ما تميز به الموقف التفاوضي الفلسطيني في هذه المرحلة هو الحرص على خوض معركة الرأي العام العالمي بكل أبعادها. وأظن أن الوزير بيكر ومساعده جورجيان لم تجاوزا الحقيقة عندما قالا للوفد الفلسطيني أنكم قادمون لعمل اعلام وليس مفاوضات.. وحرص على ضبط ايقاع حركته داخل وخارج غرف المفاوضات وفقاً لحركة الشارع الفلسطيني داخل وخارج الاراضي المحتلة. وبالرغم من الملاحظات التي سجلها الراعيان على تركيز الوفد الفلسطيني على الاعلام، الا أن جميع المراقبين سجلوا للأخت حنان عشراوي نجاحاً كبيراً وأقروا بدورهم المبدع في تعريف الرأي العام العالمي بعدالة القضية الفلسطينية وفي الدفاع عن قضايا الانتفاضة، وفي فضح الممارسات القمعية والفاشية لسلطات الاحتلال.
„ لم يستسلم لنصوص رسالة الدعوة الخاصة بعلاقته مع م.ت.ف وبقي يحاول اختراقها تحت شعار “ما لم تستطع تثبيته في النص افرضه في الواقع”. حرص على حصر علاقته بالوفود العربية الاخرى في حدود التنسيق وتشدد في إبراز استقلالية موقفه واستقلالية قراره، فشارك في لجان المتعدد الأطراف رغم مقاطعة سوريا لها. وقلص دور الوفد المشترك الاردني-الفلسطيني الى أبعد الحدود الممكنة، وحوله الى مظلة واهية تستعمل عند اللزوم وخاصة في بعض الرسميات.
3. الموقف الأمريكي: بعد اجتياز المرحلة الاولى، ونجاحه في جمع الاطراف حول طاولة المفاوضات، حرص الوزير بيكر على متابعة مفاوضات المرحلة الثانية بصورة شخصية ومباشرة، ولهذا جعل من واشنطن مقراً لجولاتها الخمس. ولعل دافعه في ذلك كانت قناعته وإدراكه بأن ما تأسس في المرحلة الأولى لا يوفر ضمانة كافية لتواصل العملية. وأن امكانية تعرضها للانتكاس وحتى للانهيار لا زالت قائمة. لا سيما وأنه كان “سيد العارفين” بأن معظم الاطراف المتورطة في الصراع المباشر وخاصة اسرائيل دخلت العملية شبه مكرهة. وكان يعرف أن بعضها لن يتورع عن تحين الفرصة للهروب منها اذا استطاع الى ذلك سبيلا.
وبمراجعة مسيرة المفاوضات في مرحلتها الثانية يمكن رصد الموقف الامريكي خلالها على النحو التالي:
ركز جهوده باتجاه تواصل المفاوضات ومنع أي من الأطراف من الانسحاب أو التجميد أو التعليق. ولتحقيق هذا الهدف لجأ في كثير من الاحيان الى فرض مواعيد وأماكن الجولات عندما وقعت خلافات حولها واتبع سياسة العصا والجزرة. وأظهر للأطراف كافة وبأساليب وطرق متعددة بأن الانسحاب ممنوع، واستعان بضغط أصدقاء هذا الطرف أو ذاك عندما اضطر لذلك. هذا على الأقل تم مع م.ت.ف ومع وفدها المفاوض، فكثيراً ما تعرضت م.ت.ف والوفد المفاوض الى ضغوطات أمريكية وأوروبية وروسية. كما حرص على إظهار اصراره على تواصل العملية في مساراتها المحددة بأي ثمن وبمن حضر، ولهذا عقد المؤتمر المتعدد الأطراف في الزمان والمكان المحدد له بالرغم من المقاطعة الكاملة لسوريا ولبنان وبالرغم من عدم دخول الوفد الفلسطيني الى قاعة المفاوضات في الجولة الأولى من المتعدد الأطراف التي عقدت في موسكو. وبالرغم من مقاطعة اسرائيل للجنتي التنمية الاقتصادية واللاجئين احتجاجاً على مشاركة الخارج الفلسطيني فيهما.
حرص على عدم التدخل العلني والمباشر في المفاوضات، لكنه كان الغائب شكلاً والحاضر فعلاً في كل جلسة من جلساتها مؤمناً ذلك من خلال تكثيف اللقاءات الرسمية وغير الرسمية قبل وبعد الجلسات ومع كل الوفود.
ويمكن القول أن الدعوة لجولة واشنطن الأولى هي المرة الوحيدة التي تقدم فيها الجانب الامريكي بمقترحات خطية تفصيلية ومحددة. وكل ما عدا ذلك كان يقدم بطريقة غير رسمية وفي صورة آراء ونصائح شفوية في اللقاءات المتعددة والمتنوعة التي عقدها مع الأطراف. ولاستكمال الصورة عن موقف الادارة الامريكية وفهمها لكيفية التفاوض ولكيفية تناول الأطراف لقضايا الخلاف لا بد من إلقاء نظرة سريعة على بعض نصوص رسالة الدعوة لجولة واشنطن الأولى وأعتقد أن التدقيق في نصوصها يساعد أيضاً في فهم بعض ما يجري الآن أو قد يجري لاحقاً على طاولة المفاوضات. فدعوة واشنطن كانت أقرب الى جداول أعمال مقترحة من الادارة الامريكية لكل مفاوضة من المفاوضات.
فحول تصنيف قضايا المفاوضات بين اسرائيل والوفد الفلسطيني الاردني المشترك نصت على (في المفاوضات بين اسرائيل والوفد الاردني-الفلسطيني توجد مجموعتان متميزتان من القضايا تحتاج الى المناقشة د.واش) وفي نص آخر ورد (أن مصلحة جميع الاطراف خلق قوة دافعة لاثبات أن المباحثات الثنائية المباشرة بامكانها أن تباشر بالانكباب على القضايا الأكثر أهمية لكم د.واش). وبشأن تناول بعض القضايا في المفاوضات الاردنية-الاسرائيلية اقترحت الدعوة (لقد قامت الاردن بتبليغنا وكذلك من المقترح تبليغ اسرائيل بأن هناك عدداً من القضايا الحدودية غير المتعلقة بقرار مجلس الأمن 242 تحتاج الى المناقشة. نحن لا نرى سبباً لعدم اثارة هذه القضايا مبكراً في المفاوضات لكي يتمكن الخبراء من مباشرة العمل لفحص مطالب كل طرف والخلفية التاريخية د.واش). وفي نص آخر قالت (تستطيع اسرائيل والاردن أن تبحث بشكل مجدي عدداً من القضايا الثنائية الاخرى مثل طبيعة السلام، تسوية المشاكل المائية في خليج العقبة، الادارة المشتركة لمشاريع تطهير المياه الملوثة، الانتاج المشترك للبوتاس، السياحة، الطيران المدني وما شابه).
أما بشأن المفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية وقضاياها فقد ورد في دعوة واشنطن (في هذه المفاوضات يوجد اتفاق مشترك على أن المرحلة الاولى ستركز على ترتبيات حكم الذات الانتقالية د.واش). ونصت في مكان آخر (فيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالضفة وغزة فنحن أيضاً نفهم أن الفلسطينيين سيتصدرون ولكن سيرافقهم اردنيون كجزء من الوفد الاردني-الفلسطيني المشترك د.واش). وفي مكان آخر تقترح تجنب مناقشة مطولة لبعض القضايا (ونحن نرتأي بأن كل من اسرائيل والفلسطينيين يجب أن يتفاديا بقدر المستطاع نقاشاً مطولاً حول مباديء من نوع مصدر السلطة وطبيعة سلطة الحكم الذاتي الانتقالي د.واش). وفي موقع آخر قدمت الادارة مقترحات محددة بما يمكن أن تبادر الأطراف لتقديمه وتتبادله في المفاوضات حيث نصت (يمكن أن توافق اسرائيل والفلسطينيين على أن يقدم كل منهما في هذه الجلسة أو الجلسة المقبلة نموذجاً مقترحاً لسلطة الحكم الذاتي الانتقالية د.واش). ولم تكتف الادارة الامريكية بتقديم المقترحات والتصورات حول قضايا النقاش وطريقة تناولها، بل مضت الى ما هو أبعد من ذلك، فقدمت في دعوة واشنطن تقييماً لدور الوفد الفلسطيني في مدريد ونصيحة مجانية (ان الاختراق الذي حققتموه في مدريد قبل عدة أسابيع لا يجب السماح بتبديده د.واش).
على قاعدة رسالة الدعوة وكتب التطمينات التي قدمها لمختلف الأطراف، حاول الجانب الامريكي على امتداد المرحلة الثانية من المفاوضات إظهار شيئاً من الحزم وبعضاً من التوازن وعدم الانحياز لأي طرف من الأطراف. محتفظاً لنفسه بزمام المبادرة، ولم يتورع عن اتخاذ مواقف رسمية وتوجيه ملاحظات نقدية رسمية وبصورة علنية لخرق هذا الطرف أو ذاك لرسالة الدعوة، وخاصة عندما كان خرقه ذو تأثير على استمرار العملية وتواصل المفاوضات. فعل ذلك مع اسرائيل عندما صعدت وكثفت من عملية بناء المستوطنات. وفعله أيضاً مع الجانب الفلسطيني عندما لاحظ أنه يهتم ويدير مسائل الاعلام على حساب قضايا المفاوضات. وكررها عندما التقى الوفد الفلسطيني مع الرئيس ياسر عرفات بصورة رسمية متلفزة.
من هذا العرض لمواقف الأطراف (الاسرائيلي والفلسطيني والامريكي) خلال المرحلة الثانية من المفاوضات يتبين بأن هذه المرحلة انتهت دون حدوث أي تقدم حقيقي لا في المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ولا في المفاوضات الاخرى. ورغم ذلك لا يمكن القول بأن جولات المفاوضات الخمس التي عقدت خلالها كانت مضيعة للوقف، لأن من غير الصحيح تجاهل أثر تواصل المفاضوات ثمانية أشهر في تكريس العملية السياسية كجزء من حياة دول المنطقة، وكواقع قائم يضغط يومياً على الجميع ويلح في طلب العلاج. صحيح أن الوفود الفلسطينية والعربية والاسرائيلية غادرت واشنطن في نهاية المرحلة الثانية في ظل أجواء متوترة جداً، لكن الصحيح أيضاً أنهما غادرا وهما ملتزمان باللقاء من جديد. وكليهما يعرف أنه (تورط) أو دخل عن قناعة في عملية سياسية دولية كبيرة ليس سهلاً عليه الانسحاب منها. ولا أظن أن أي تقييم موضوعي لمفاوضات المرحلة الثانية يمكنه القفز عن الآثار والنتائج المباشرة وغير المباشرة التي تركتها على دول وشعوب المنطقة، أو تجاهل دورها في التمهيد للمرحلة التي تلتها.
المرحلة الثالثة (بدء الاشتباكات التفاوضية):
اذا كان سقوط شامير وفوز رابين في الانتخابات الاسرائيلية هو تاريخ بدء المرحلة الثالثة من المفاوضات العربية والفلسطينية-الاسرائيلية، فالحديث عن هذه المرحلة سيكون بالضرورة عن:
* الممهدات والمقدمات للمرحلة
* وقائع ومجريات الجولة السادسة والسابعة والثامنة.
[1] مقدمات المرحلة الثالثة:
بغض النظر عن طبيعة وحجم الدور الأمريكي في صنع التغيير الذي وقع في اسرائيل والذي أدى الى سقوط الليكود وفوز حزب العمل ومي
هوامش
__________________________________
(1) في 6 آذار أعلن الرئيس بوش أمام الكونغرس عن مبادرته لحل الصراع في الشرق الأوسط، وعلى هديها تحرك الوزير بيكر باتجاه المنطقة لجمع أطرافها حول طاولة المفاوضات.
(2) بعد جهود كبيرة و7 جولات في المنطقة تمكن بيكر من صياغة رسائل دعوة لحضور مؤتمر مدريد ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه الرسائل بما تضمنته بمثابة المرجعية الوحيدة للمفاوضات.
(3) لتجاوز التعقيدات التي واجهته قبل افتتاح المؤتمر أعطى الوزير بيكر رسائل لكل أطراف النزاع، تضمنت مفهوم الادارة الامريكية وموقفها من القضايا التي تعذر ايرادها في رسائل الدعوة.
(4) عقد المجلس المجلس الوطني دورة استثنائية في مطلع اكتوبر 91 قرر فيه:
يؤكد المجلس أن المساعي لعقد مؤتمر السلام تتطلب مواصلة العمل مع الأطراف الأخرى لتحقيق الأسس التالية:
* استناد مؤتمر السلام الى القرارين 242 و338 التي تكفل الانسحاب الاسرائيلي وتحقيق مبدأ الأرض مقابل السلام.
* اعتبار القدس جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
* وقف الاستيطان.
* حق م.ت.ف في تسمية الوفد من الداخل والخارج بما في ذلك القدس.
* تنسيق المواقف العربية بما يضمن الحل الشامل.
* ضمان ترابط مراحل الحل.
“إن المجلس الوطني يكلف ل.ت بالاستمرار في الجهود الجارية لتوفير أفضل الشروط التي تكفل نجاح عملية السلام وفق قرارات المجلس على أن ترفع النتائج الى المجلس المركزي لاتخاذ القرار النهائي في ضوء المصلحة الوطنية العليا لشعبنا”. قرارات المجلس – البيان السياسي الختامي.
– وبتاريخ 18/10/91 عقد المجلس المركزي اجتماعاص قرر فيه: “التعامل الايجابي مع العملية السياسية من خلال مؤتمر السلام المزمع عقده. ويقرر المشاركة في المؤتمر بوفد فلسطيني-اردني مشترك على أساس مستقل ومتكافيء. والتمسك خلال مجمل العملية السياسية بالأهداف والأسس التي حددها المجلس الوطني الفلسطيني”.
(5) القيادة الفلسطينية هيئة غير رسمية تضم عادةً في اجتماعاتها الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية وعدداً من أعضاء المكاتب السياسية للفصائل، وعدداً من أعضاء المجلس المركزي، وأعضاء اللجنة التنفيذية. وهي بمثابة “المطبخ السياسي الموسع”.
(6) لجنة متابعة المفاوضات شكلت بقرار من اللجنة التنفيذية تضم عدداً من أعضاء ل.ت وعدداً من ممثلي الفصائل المشاركة في المفاوضات. مهمتها متابعة كل المسائل المتعلقة بالمفاوضات وبعمل الوفد. وهي همزة الوصل بين اللجنة التنفيذية والوفد المفاوض، وصلاحياتها محصورة في حدود توجيه عمل الوفد وفقاً لتوجهات الهيئات القيادية وخاصة توجهات ل.ت.
(7) تم تشكيل لجنة قيادة للمفاوضات الثنائية وأخرى للمتعدد الأطراف. مهمتها التواجد مع الوفود بصورة دائمة وتوجيه عملها في إطار التوجهات المحددة من قبل اللجنة العليا للمفاوضات وهي مرجعيتها.
(8) لضمان تواصل العملية وتوفير نسبة أعلى من النجاح لها، ابتدع الوزير بيكر فكرة المسارين. الأول خصصه للمفاوضات الثنائية حصره بالأطراف المعنية مباشرة بالنزاع. أما الثاني فصممه للمتعدد وزج فيه ما يقارب الأربعين دولة منها 16 دولة عربية.
(9) راجع رسالة الدعوة الى مؤتمر مدريد.
(10) The Co-sponsors are committed to making this process succead
(11) أصدرت ل.ت بياناً بتاريخ 8/3/91 رحبت فيه بمبادرة الرئيس بوش.
(7) اتخذت القيادة الفلسطينية بتاريخ 11/3/91 قراراً بالاجماع بالموافقة على لقاء وفد الداخل مع الوزير بيكر وذلك بعد أربع اجتماعات متواصلة حضرها أعضاء اللجنة التنفيذية وجميع الأمناء العامون للفصائل المنضوية تحت لواء م.ت.ف.
(12،13،14،15،16،17،18) راجع النصوص الواردة في رسالة التطمينات الامريكية للجانب الفلسطيني.