ممدوح نوفل.. راحلٌ في زمن الحاجة إليه
بقلم فيصل حوراني في 01/08/2006
الصديق الذي لا يضاهى رحل، فارس السيف والقلم ترجّل وغاب، ولا مجال للتعزي، فالخسارة لا تُعوّض. قضى ممدوح نوفل حياته مكافحاً على أشّق الطرق: طريق الوحدة العربية، وطريق تحرير الوطن الذي يفتك به الغاصبون. قاوم ظلم الأعداء، بالسلاح، بالسياسة، بالفكر، بالجهد والسلوك. كان شجاعاً كلما اقتضى الأمر اقتحام المخاطر. كما كان شجاعاً إذا اقتضى الأمر اختراق السائد من المواقف والأفكار. وظل في الأحوال كلها صادقاً مع نفسه، ومع ناسه، وحتى مع خصومه. ولم يتهيب الانفكاك عن موقع أو رأي إذا اقتنع بأن أياً منهما صار قيداً على الحركة الناجعة أو الفكر السديد.
وحين فتكت خيبات الأمل بأعتى الصابرين وأسلمت مناضلين كثيرين إلى الضياع أو اليأس، احتفظ ممدوح نوفل بصفاء مزاجه وتوهُّج روحه وقدرته على بث الفرح وسط أشد الظروف مدعاة لليأس.
لم يُضع ممدوح يوماً واحداً من حياته سدى، بل حرص على أن يضيف إلى منجزاته منجزاً جديداً كل يوم. فما أوجع أن نخسر هذا كله، وما أفجع أن يغيب الإنسان المعطاء وهو في ذروة عطائه، ونحن في أمسّ الحاجة إليه!
فيا فيرا، أيتها الزوجة التي فقدت شريك حياتها الحبيب، أيتها الإنسانة المثابرة على عمل ما هو جميل وجليل، ويا مضر، أيها الابن الذي خلّف له الراحل الكثير مما يستطيع أن يعتزّ به، ويا عارفي ممدوح، ويا قراءه، يا أصحابه وأصدقاءه وأقرباءه، قولوا جميعكم ما لا نملك في لحظة الفاجعة أن نقول سواه: لقد ترك ممدوح نوفل لنا ما يُبقي حضوره بيننا حيّاً: السيرة الأخّاذة والمنجز الفذّ. واسمحوا لي أن أضيف شيئاً يخصني، فأنا أحس كلما رحل صديق بأن قطعة من كبدي قد بارحتني، وها أنا ذا أحس وقد رحل ممدوح بأن كبدي لم يبق منه إلا القليل.